مال و أعمال

7 محاور ساخنة أمام «جاكسون هول» | محمد العريان

 

هل تذكرون الأزمة المالية الآسيوية، وصدمة انهيار صندوق التحوط LTCM، والتخلف الروسي عن سداد ديونه، وانهيار ليمان براذرز؟ يبدو أن هذه الأحداث سوف تبلغ ذروتها خلال الصيف.

ومع ذلك، ومع وجود عدد قليل من الحرائق المالية التي يتعين إخمادها، وجدت البنوك المركزية هذا الموسم وقتًا جيدًا لتقييم موقفها السياسي ومعرفة إلى أين يقود، في وقت حيث يكون جدول اجتماعات السياسة خفيفًا نسبيًا والعديد من المشاركين في السوق في إجازة.

وتترقب الأسواق المالية في نهاية أغسطس/آب انطلاق ندوة جاكسون هول في وايومنغ، التي ينظمها بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، والتي تجمع محافظي البنوك المركزية من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى خبراء الاقتصاد والأكاديميين ووسائل الإعلام المتخصصة. ويشكل هذا الحدث السنوي منتدى مهما يهدف إلى تقييم فعالية سياسة البنوك المركزية، واستكشاف الأفكار، والإعلان عن اتجاهات سياسية جديدة.

من جانبي، آمل بشدة، وإن لم يكن ذلك راسخا في ذهني للأسف، أن يتناول فريق خبراء الاقتصاد من حملة الدكتوراه وغيرهم من خبراء السياسة في بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع هذا الصيف مجموعة من القضايا التي تشكل أهمية بالغة لرفاهة الاقتصاد الأميركي والاستقرار المالي العالمي، وأن نحصل على لمحة عن اتجاه ومحتوى تفكيرهم عندما يلقي رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول خطابه الرئيسي المرتقب للغاية. ما هي هذه القضايا والأسئلة التي أود أن أراها على الطاولة في جاكسون هول؟

أولا، لماذا كانت توقعات بنك الاحتياطي الفيدرالي بعيدة كل البعد عن الحقيقة، سواء فيما يتصل بالتضخم أو البطالة ــ ما يسمى بالتفويض المزدوج ــ في السنوات الأخيرة؟ وإلى أي مدى ساهم هذا في الإفراط في الاعتماد على البيانات في صياغة سياسة البنوك المركزية؟ والسؤال ذو الصلة هنا هو ما هي الآثار المترتبة على التحولات غير العادية الأخيرة في إشارات السياسة النقدية؟

ثانيا، بما أن التغيرات البنيوية الطويلة الأجل ونشاط السوق التي تؤثر على كيفية عمل الاقتصاد الأميركي والعالمي أكثر أهمية لتصميم السياسات من البيانات “الصاخبة” قصيرة الأجل، فهل حان الوقت الآن للجمع بين الاعتماد على البيانات والتفكير الاستراتيجي الأكثر استشرافا للمستقبل؟

ثالثا، نظرا لأن مراجعات بنك الاحتياطي الفيدرالي لعام 2020 لإطار السياسة النقدية كانت قديمة تقريبا بمجرد نشرها، وربما ضارة، فهل لا توجد حاجة ملحة لتسريع مراجعتها؟

رابعا، هل يتمتع بنك الاحتياطي الفيدرالي بالثقة والتواضع اللازمين لمعالجة قضيتين رئيسيتين مترابطتين تحليليا: (1) هدف التضخم المناسب و(2) مستوى أسعار الفائدة المحايدة في ظل ظروف نقدية ليست مشددة للغاية ولا متساهلة للغاية؟ وكيف تؤثر كل من هاتين القضيتين أو تنتقص من مساهمة السياسة في الرفاهة الاقتصادية؟

خامسا، أليس الوقت قد حان لكي يصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر حساسية لخطر الضرر غير المبرر للاقتصاد الحقيقي والعمالة، بدلا من خطر إعادة إشعال التضخم؟

سادسا، في ظل استمرار تعثره بسبب التفكير الجماعي الضيق الأفق والافتقار إلى التنوع المعرفي، ألا يفكر بنك الاحتياطي الفيدرالي في اقتراض بعض ممارسات بنك إنجلترا وتعيين خبراء من الخارج في لجنة السوق المفتوحة الفيدرالية، وهي أعلى هيئة لصنع السياسات في البنك المركزي؟

سابعا، أليس الوقت قد حان للاعتراف بأن النهج الحالي في التعامل مع الاتصالات، وخاصة مركزية ملخص التوقعات الاقتصادية، يؤدي إلى تغذية ارتباك السوق وتعزيز تقلب أسعار الفائدة، بدلا من توفير الشفافية البناءة للأسواق حول الاتجاه والأسباب التي تجعل السياسة والاقتصاد يتجهان نحو المستقبل؟

ثامناً، وأخيراً، متى سيصبح بنك الاحتياطي الفيدرالي أكثر انفتاحاً بشأن المخاطر التي يفرضها الوضع المالي الأميركي الحالي على المكانة العالمية للدولار، وعلى مصداقية السندات الحكومية، باعتبارها “الأصول الآمنة” الأكثر أهمية في الأسواق العالمية، والوسيط المهيمن والموثوق به لثروات ومدخرات البلدان الأخرى؟

إن التعامل مع أي من هذه القضايا ليس بالأمر اليسير، وهي ليست مريحة تماماً بالنسبة لبنك الاحتياطي الفيدرالي، الذي لم يتعافى بعد بشكل كامل من أخطائه السياسية. ولكنها تشكل عنصراً أساسياً في فعالية السياسة النقدية والاستقلال السياسي لأقوى بنك مركزي في العالم.

إنني أتفهم تماما الإغراء المتمثل في تجنب معالجة هذه القضايا الصعبة بشكل مستمر، ولكن من المؤسف أن هذا الإهمال لن يؤدي إلا إلى جعلها أكثر إلحاحا وصعوبة في الحل، مما يفرض مخاطر أكبر على رفاهة الاقتصاد الأميركي والاستقرار المالي العالمي.

* رئيس كلية كوينز في كامبريدج ومستشار لشركة أليانز و جرامرسي 

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحبا...
كيف يمكنا مساعدتك؟