رياضه

تتمتع الأحداث الرياضية العالمية بإمكانية التواصل والإثارة على مستوى العالم. فلماذا لم يستفد حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في باريس 2024 من هذه الإمكانية؟

ليس سراً أن نجاح الأحداث الرياضية العالمية يتحدد من خلال حفل افتتاحها. إن التخطيط الدقيق للدولة المضيفة، والبراعة في الأداء، ومستويات الاستثمار الملحوظة، ترسل رسائل إلى العالم ليس فقط حول مدى جدية الدولة المضيفة في أداء مهمتها، بل وأيضاً حول مدى اعتزازها بضيوفها ومشاهديها ورياضييها.

ماذا حدث أمس في باريس ـ عاصمة الموضة والجمال ومركز الثقافة؟ لقد واجهنا تصويراً مشوهاً لباريس، حيث صورناها وكأنها مدينة ملوثة بالتحديات في التواصل الاجتماعي للأجيال الحالية والمستقبلية. لقد رأينا اتجاهات الثقافة الشعبية تلعب دوراً في هذا، ونسخة كوميدية مفرطة من تاريخ عنيف. ولم نرَ شيئاً من الرهبة أو الإلهام.

إن هذه المنصة تمثل فرصة فريدة من نوعها – وكثيراً ما لا تتكرر – لعرض ثقافة الدولة المضيفة وخصائصها وجغرافيتها وأجوائها، وتقديم قصيدة شعرية عن الشمولية. وهي بمثابة تعبير عميق عن الدولة للمجتمع الدولي. إنها فرصة لإظهار القيادة العالمية من خلال دعم لوائح اللجنة الرياضية المنظمة، وتجنب التمييز، وتعزيز بيئة محترمة لتبادل الأفكار والوجهات النظر السياسية.

وفي نهاية المطاف، فإن هذا يعكس ما تأمله هذه الدولة المضيفة للعالم وكيفية قراءتها للمناخ السياسي العالمي.

لقد أظهرت قطر صورة رائعة لثقافتها وتراثها أمام الجمهور العالمي خلال بطولة كأس العالم 2022 ودورة الألعاب الآسيوية 2006. كما كانت مراسم الافتتاح متواضعة للغاية وأظهرت أفضل جزء من الثقافة القطرية: كرم الضيافة الذي لا يضاهى. وفوق كل شيء، تسعى قطر دائمًا إلى إبراز هذه الرسالة.

ولكن قطر ليست وحدها في هذا. فقد كان حفل افتتاح الألعاب الأوليمبية في لندن 2012 بمثابة مشهد رائع احتفى بالمساهمة التاريخية التي قدمتها بريطانيا في المجال الطبي وأذهل المشاهدين بالتقدم الذي أحرزته في مجال النقل. ويظل نظام النقل في لندن واحداً من أقدم أنظمة النقل في العالم، وهو شهادة على إرث البلاد الدائم من الإبداع والتقدم. وقد استغلت لندن هذه الفرصة لاستعراض الفخر الوطني دون سخرية أو كليشيهات.

لقد وجهت دورة الألعاب الأوليمبية في بكين عام 2008 رسالة عميقة إلى العالم بحفل افتتاحها المذهل، والذي كان بمثابة عرض للتاريخ المعقد للصين وثقافتها النابضة بالحياة وإنجازاتها التكنولوجية. وقد صور الحفل رؤية للوحدة والتقدم، وتميز بأداءات مبهرة، ورقصات متقنة، وتأثيرات بصرية مبهرة، بل وآسرة. ومن خلال هذا العرض الرائع، نجحت بكين في توصيل تراثها وتطلعاتها الغنية إلى العالم. وكان العالم متحمساً لألعاب أوليمبية لا تُنسى.

إن دور الدولة المضيفة لابد وأن يلتزم برعاية وتوجيه الأجيال الحالية والمستقبلية، وهو ما يشكل تحدياً كبيراً بقدر ما يشكل امتيازاً كبيراً. فلم تكتف فرنسا بمنع الرياضيات اللاتي يرتدين الحجاب، بل إنها عزلت نفسها عن العالم باعتبارها دولة منعزلة وغير مبالية. وأنا أشجع البلاد، مع تقدم الألعاب، على إعادة الالتزام بالحوار والوعي، حتى لا يشعر العالم بأنه غير مرحب به في ظل الاستقطاب الذي لا يمكن إنكاره والظروف السياسية المتقلبة. حتى لا نصبح مرة أخرى في حاجة إلى مساعدة من باريس.

هذه المقالة هي مقالة رأي بقلم مريم الجاسم ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر الدوحة نيوز أو هيئتها التحريرية أو العاملين فيها.

مريم الجاسم هي محترفة تسويق تكرس نفسها لوضع استراتيجيات لقطاع التسويق والاتصالات للوصول إلى آفاق جديدة مع الحفاظ على التراث الثقافي والفخر المجتمعي الذي يدفع قطر إلى الأمام.

للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Open chat
Scan the code
مرحبا...
كيف يمكنا مساعدتك؟