كيف تُعزز الحكومة المصرية الاقتصاد الرقمي؟ دراسة تحليلية للباحث الدكتور أحمد كركيت

وفي إطار تحول الدولة المصرية إلى “رقمنة الخدمات”، يتساءل كثيرون عن هذا المعنى، الذي يشير ببساطة إلى أن التحول الرقمي هو العملية التي تطبقها المنظمة لدمج التكنولوجيا الحديثة في كافة مجالات الأعمال، وتتغير هذه العملية جذرياً وفقاً للطريقة التي تقدم بها المنظمة القيمة للعملاء، حيث تتبنى الشركات تقنيات رقمية مبتكرة لإجراء تحولات ثقافية وتشغيلية تتوافق بشكل أفضل مع متطلبات العملاء المتغيرة، ونظراً لأهمية هذا الموضوع الذي سيكون جزءاً من ثقافة العمل العام والخاص خلال سنوات قليلة.
وحرص الباحث الرائد الدكتور أحمد إبراهيم كركيت على تناول رسالة الماجستير الخاصة به في هذا الشأن بشكل أوسع وأشمل من خلال دراسة بحثية حول “دور تطوير الخدمات الإلكترونية في تعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر”، وترسيخ المعرفة بأدوات التكنولوجيا المالية التي تؤدي إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي.
وضمت لجنة المناقشة والتحكيم الدكتور عصام محمد الجوهري، والدكتور محمد حسن توفيق، والدكتورة ريهام أنسي عبد العزيز أستاذ مساعد إدارة الأعمال بمعهد الدلتا.
تهدف الدراسة إلى تحليل دور تطوير الخدمات الإلكترونية في تعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر، وترسيخ المعرفة بأدوات التكنولوجيا المالية المؤدية إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي والتعرف على استراتيجية قطاعات الدولة للتحول الرقمي، ورصد القطاعات التي تبنت سياسات التحول الرقمي وإجراء تحليل لتقييم الوضع الحالي للفرص والتحديات لتحديد مدى جاهزية تلك القطاعات والمؤسسات لدعم الاقتصاد الرقمي المصري.
اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي من خلال جمع وتحليل البيانات من مصادر مختلفة باستخدام الدراسة الميدانية، وذلك لتقديم أدلة علمية تدعم فرضيات الدراسة ومن ثم أهدافها من عدمها، وعليه فإن الدراسة التطبيقية لهذا البحث سوف تتخذ مسار الدراسة الميدانية، وذلك لاختبار الفرضيات التي تم استنباطها في البنية النظرية للبحث، وقد أجريت الدراسة على عينة حجمها (500) خمسمائة فرد من العاملين بالحكومة المصرية ذوي التخصص المالي الرقمي والتحول الرقمي والإداري في الوزارات التالية: "الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات – التجارة والصناعة – التضامن الاجتماعي – العدل – النقل – الكهرباء والطاقة المتجددة – الطيران – السياحة والآثار – الإنتاج الحربي – الزراعة واستصلاح الأراضي – القوى العاملة – الثقافة – الصحة – التموين والتجارة الداخلية – التعليم – البترول والثروة المعدنية – الإسكان والمرافق – التنمية الإدارية – مجلس الوزراء – الأوقاف.
وأظهرت نتائج الدراسة وجود علاقة ذات دلالة إحصائية بين تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية وتعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر، وذلك من خلال الأبعاد التالية (توافر التكنولوجيا المالية، الشبكات، البنية الأساسية، نظم المعلومات، الموارد البشرية). وتوصي الدراسة بضرورة تبني سياسات حكومية تدعم تطوير خدمات الحكومة الإلكترونية والمالية وتطوير البنية الأساسية التكنولوجية، بالإضافة إلى تشجيع التعاون بين القطاعين العام والخاص لتحقيق التكامل في تقديم الخدمات الإلكترونية. كما تؤكد على أهمية رفع وعي المواطنين بأهمية هذه الخدمات وكيفية استخدامها لتحقيق أقصى استفادة منها في تعزيز الاقتصاد الرقمي والتنمية المستدامة في مصر.
أثبتت الدراسة أن هناك علاقة ذات دلالة إحصائية بين تبني أدوات التكنولوجيا المالية ومساهمتها في تعزيز الاقتصاد الرقمي في مصر، إلا أن نجاح تجربة الحكومة الإلكترونية يعتمد على مواجهة التحديات والمعوقات القائمة.
كما توجد علاقة ذات دلالة إحصائية بين تطبيق خدمات الحكومة الإلكترونية وتعزيز الاقتصاد الرقمي، من خلال أبعاد متعددة مثل توفر التكنولوجيا المالية والشبكات والبنية الأساسية وأنظمة المعلومات والموارد البشرية.
ساهم التحول التكنولوجي والرقمي في تحسين مستوى الخدمات التأمينية خلال أزمة جائحة كورونا العالمية، حيث أقر 78% من المديرين التنفيذيين بأهمية التكنولوجيا المالية في تحسين تجارب الموظفين والمواطنين.
وتشير نتائج الدراسة إلى أن 50% من عينة الدراسة حاصلون على مؤهل عالي، و32% حاصلون على درجة الماجستير، و17% حاصلون على درجة الدكتوراه، مما يعكس توجه الدولة نحو التميز المؤسسي والاهتمام بالتقدم العلمي للجهاز الإداري.
وأظهرت النتائج أن 42% من عينة الدراسة لديهم خبرة عملية من 5 إلى 15 سنة، و38% لديهم خبرة أكثر من 15 سنة، و20% لديهم خبرة أقل من 5 سنوات، مما يدل على توجه الدولة في ترشيد التعيينات الجديدة في مختلف الوزارات.
وأكدت النتائج أن 48% من عينة الدراسة أفادوا بأن تطبيق التكنولوجيا بدأ منذ أقل من 3 سنوات، و36% منذ 3 إلى 5 سنوات، و16% منذ أكثر من 5 سنوات.
يساهم تطبيق التحول التكنولوجي والرقمي في بناء معيار موحد مشترك بين كافة الوزارات والجهات في الجهاز الإداري، مما يضمن تحقيق الأهداف وتوحيد المفاهيم المشتركة.
يساهم الاستثمار في التكنولوجيا المالية في تسهيل الإجراءات والعمليات الإدارية ورفع جودتها للوصول إلى مرحلة النضج الرقمي، مما يوفر الوقت والجهد ويقلل التكاليف ويحقق مرونة وكفاءة أكبر.
ويتطلب تطوير المنصات وتغيير الهيكل التنظيمي في المؤسسات الحكومية وقتاً وموارد مالية كبيرة، ويجب وضع خطط استراتيجية طويلة الأمد لبناء القدرات التنظيمية.
يساهم التحول التكنولوجي والتقنيات الرقمية في دعم عملية اتخاذ القرار وتحقيق الجودة الشاملة، مما يحسن الكفاءة التشغيلية ويخلق فرصًا لتقديم خدمات مبتكرة.
ويساهم تفعيل نظام مكافحة الجرائم الإلكترونية في تعزيز التحول الرقمي وتوسيع استخدام أدوات الدفع الإلكتروني، مما يساهم في تحسين مستوى الخدمات التأمينية.
ومن أبرز التحديات وضع خطط واضحة للتحول التكنولوجي والرقمي، حيث يتطلب ذلك استراتيجيات من وزارة الاتصالات والتحول إلى الاقتصاد الرقمي، باعتبار أن تطبيق الأعمال الرقمية قد يكون مكلفاً وصعباً من الناحية الفنية.
كما أنها تعزز الابتكار من خلال التعاون المؤسسي الذي من شأنه أن يشجع الموظفين على العمل معاً واستكشاف أفكار جديدة، على الرغم من أن الثقافة الحالية في بعض المؤسسات قد تعيق هذا التعاون.
ويمثل انخفاض قيمة العملة أمام الدولار تحدياً كبيراً يواجه قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والقطاعات الاقتصادية الأخرى، ما يؤثر على تكلفة الخدمات والمنتجات.
وتعكس النتائج اتجاهات إيجابية لدى عينة الدراسة نحو تطوير الخدمات الحكومية والمالية، مع وجود وعي قوي بأهمية البنية التحتية والشبكات والموارد البشرية ونظم المعلومات والتكنولوجيا المالية في تعزيز الاقتصاد الرقمي، فضلاً عن الأهمية النسبية ومعدلات الاتفاق المرتفعة في الوعي بأهمية هذه العوامل في تحسين الأداء المؤسسي ودعم النمو الاقتصادي الرقمي في مصر.
للمزيد : تابع خليجيون 24 ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر